المدارس الفنية في السينما - ٢٤ إطار

المدارس الفنية في السينما

عمر المطيري
31 Jul 2023

في مرة لاحظت أنماط معينة تتكرر في أكثر من فيلم من مخرجين مختلفين في حقبة محددة؟! 

هذا التشابه ممكن يكون بسبب الموضوع الي بنتكلم فيه اليوم "المدارس أو الحركات الفنية في السينما"...

فهم المدارس الفنية وتأثير كل مدرسة على الي بعدها يساعدك على استيعاب تاريخ السينما وتحولاته الرئيسية وكيف هذي المدارس شكلت السينما راح نعطيك ايش معنى المدرسة الفنية السينمائية، وبنطرح بعض المدارس المشهورة، شو الي يميزها، وأمثلة على مخرجيها وأفلامها.. 

المدارس أو الحركات السينمائية Film Movements هي اتجاه في صناعة الأفلام يتشكل ويعكس الوقت، والناس، والثقافة، والأعراف الاجتماعية، والأحداث السياسية للمكان الذي نشأت منه. وغالباً ما تنشأ هذه الحركات من قبل صانعي أو نقاد أفلام ناقشوا وشكلوا أفكارهم الخاصة حول كيفية الصناعة، ثم وضعوا هذه النظريات موضع التنفيذ.

اختلطت الاتجاهات trends والمدارس في صناعة الأفلام، فأصبح من الصعب التمييز بين المدرسة الفنية الأصيلة وبين الاتجاه trend الذي يخلط بين أكثر من مدرسة أو يكون مؤقت غير مؤثر على ما بعده. 

وقبل ما نبدأ في ذكر بعض المدارس أحب أنبه على إن المدرسة الفنية للفيلم غير عن تصنيفه Film Genre، التصنيف ممكن يكون؛ كوميدي، أكشن، أو رعب مثلاً، أما المدرسة الوحدة ممكن يكون فيها فيلم رعب وفيلم ثاني خيال علمي، يعني مدرسة وحدة وتصنيفات مختلفة.

والحين بنذكر تسع من أهم المدارس الفنية الرائدة:

  1. المدرسة الألمانية التعبيرية (١٩١٩ – ١٩٢٦) German Expressionism تميزت بإضاءة عالية التباين، وتعدد زوايا الكاميرا، مع خلط التراكيب والتجريد بطرح مواضيع مشؤومة العواقب، من أهم مخرجيها: روبرت واين Robert Wiene مخرج فيلم "The Cabinet of Dr. Caligari 1920"، وفريتز لانج Fritz Lang مخرج "Metropolis 1927".
  2. مدرسة المونتاج السوفيتية (١٩٢٤ – ١٩٣٣) Soviet Montage تفتقر للشخصيات المركزية الفردية، وبدلاً من ذلك تركز قصصها على مجموعات أو فئات من الناس. يمكنك التعرف عليها من خلال أسلوب المونتاج editing الفريد وريادتها في تقنيات التحرير المتقدمة، من مثل: التعديلات المتداخلة Overlapping edits، والقطع السريع Jump cuts، والشاشات المنقسمة Split screens. ومن أشهر مخرجيها ومنظري السينما: سيرجي إيزنستاين Sergei Eisenstein ومن أبرز أفلامه "Battleship Potemkin 1925"، ومخرج الأفلام التسجيلية ديزيجا فيرتوف Dziga Vertov وفيلمه التسجيلي "Man with a Movie Camera 1929".
  3. الواقعية الشعرية (١٩٣٠ – ١٩٣٩) Poetic Realism نشأت في فرنسا، تتميز بالتقاط جوهر الواقع، بينما تهدف في نفس الوقت إلى تجاوز الواقع المجرد وتصوير بعض المشاعر والحالات المزاجية والحقائق. أثرت هذه المدرسة على حركات سينمائية لاحقة لها: الواقعية الإيطالية الجديدة والموجة الجديدة في السينما الفرنسية. ومن أشهر مخرجيها على الإطلاق جان رينوار (الذي مر بنا في المدرسة السريالية).. وفيلميه: "The Lower Depths 1936"، و"The Grand Illusion 1937".
  4. الواقعية الإيطالية الجديدة (١٩٤٢ – ١٩٥١) Italian Neorealism واحدة من أكثر الحركات تأثيراً في تاريخ السينما. ذات شخصيات وقصص واقعية، تشمل موضوعاتها: الغموض الأخلاقي، التصوير الصريح للفقر المدقع، التعاطف العميق مع الشخصيات، أو كما عرفها مارتن سكورسيزي وهو من أشد المتأثرين بها: "إعادة تأهيل ثقافة وشعب كامل من خلال السينما". اشتهر من هذه المدرسة الإيطاليين فيديريكو فليني Federico Fellini وروبرتو روسيليني Roberto Rossellini. ومن الأفلام الكلاسيكية التي ظهرت في هذه الحقبة "Bicycle Thieves 1948" و "Umberto D. 1952" كلاهما لفيتوريو دي سيكا Vittorio De Sica.
  5. الموجة الجديدة في السينما الفرنسية (١٩٥٩ – ١٩٦٤) The French New Wave تميزت الحركة برفضها للأعراف التقليدية السائدة في صناعة الأفلام لصالح التجريب Experimentation والتعبير الشخصي. أثر صانعو أفلام الموجة الجديدة على كلاً من السينما الفرنسية وصناعة السينما بشكل عام. ابتكر المخرجان فرانسوا تروفو François Truffaut وجان لوك غودار Jean-Luc Godard أعمالاً فنية مميزة ومنها: "The 400 Blows 1959" و "Breathless 1960". 
  6. الموجة الجديدة في السينما البريطانية (١٩٥٩ – ١٩٦٣) British New Wave تشابه إلى حد ما الموجة الفرنسية الجديدة في أسلوبها. طبيعية، عفوية، ومصورة بالأبيض والأسود مع غير ممثلين في مواقع حقيقية، كما تركز على الطبقة العاملة ومصاعب الحياة اليومية. بعض كلاسيكياتها: "Look Back in Anger 1959" للمخرج توني ريتشاردسون Tony Richardson، و"This Sporting Life 1963" للمخرج ليندساي أندرسون Lindsay Anderson.
  7. سينما الواقع (١٩٦٠ – إلى الآن) Cinéma Vérite هي حركة في صناعة الأفلام الوثائقية بدأت في فرنسا في عام ١٩٦٠. يتضمن هذا النمط من صناعة الأفلام قضاء عدة أشهر منغمساً في مجتمع ما، لتبني الثقة وتتابع الشخصيات في أثناء تطور حياتها. ومن الأفلام الجديرة بالذكر في هذه المدرسة: "Grey Gardens 1975" للمخرجين Albert and David Maysles، و"Hoop Dreams 1994" لـ Steve James. 
  8. السينما الألمانية الجديدة (١٩٦٢ – ١٩٨٢) New German Cinema تأثرت بشدة بالموجة الفرنسية الجديدة، وميزت نفسها على أنها أفلام مستقلة منخفضة الميزانية تقدم النجاح الفني على التجاري. ذاع صيت المخرجين فيم فيندرز Wim Wenders وفيرنر هيرزوغ Werner Herzog في هذه الفترة، وأفلامهم منها: "Alice In the Cities 1974"، و"Fitzcarraldo 1982".
  9. مدرسة هوليوود الجديدة (١٩٦٧ – بداية ١٩٨٠) New Hollywood تسمى كذلك الموجة الجديدة في السينما الأمريكية American New Wave، نقلت هذه الحركة القوة في صناعة الأفلام من الاستوديو إلى المخرج. مالت هذه الحركة بالصناعة التقليدية عن مسارها من خلال حبك قصص بدون حلول أو نهايات resolutions واضحة، وبدون خط سردي كلاسيكي. ازدهر خلال هذه الفترة: مارتن سكورسيزي، وفرانسيس فورد كوبولا، وتيرينس مالك Terrence Malick. ومن الأفلام: "Taxi Driver 1976" لسكورسيزي، و"Easy Rider 1969" لـدينيس هوبر Denis Hopper. 

هذي بعض المدارس الفنية الي اشتهرت وأثرت على صناعة السينما العالمية، وفي غيرها كثير، وفي مدارس جديدة نشأت في ألفيتنا أو في نهاية القرن الماضي وما زالت مستمرة مثل: مدارس الموجة الجديدة New Wave Movements الصينية، والفلبينية، والهندية الخ... وظهور هذي المدارس يرجع، كما ذكرنا، للثقافة والمجتمع الي نشأوا فيه.. 

فهل نحن قادرين على كسب الوعي السينمائي الكافي الي يأهلنا حتى نخرج بحركتنا الفنية الخاصة المناسبة لثقافتنا وديننا ومجتمعنا؟! لا وتكون هذي الحركة مؤثرة على الصناعة السينمائية عالمياً... 

وعشان نبدأ بأول خطوة في بناء هذا الوعي، أنصحك بإنك تختار واحد أو أكثر من المدارس الي ذكرناها وتشوف أمثلة الأفلام المطروحة تحته وتدور عنها وتتابعها، عشان تستوعب ماهية هذي المدارس وتغذي بصرك بفنيات وأساليب متنوعة من حقها إنها تأهلك لصناعة عملك القادم الرهيب...

  الختام.

التعليقات